الأستاذ أديب الطيار - علم سوري من منظار مقرب
صفحة 1 من اصل 1
الأستاذ أديب الطيار - علم سوري من منظار مقرب
الأستاذ أديب الطيار - علم سوري من منظار مقرب
انه علم من أعلام صافيتا وأحد دعاة القومية العربية
انه الأستاذ أديب بن مخائيل الطيار الشاعر والمفكر والأديب المعاصر 1907- 1981
ذالك الرجل الفذ الذكي, الوطني والقومي المثقف, الكريم والطيب القلب, الذي عرفته عن قرب
انه استاذ الرئيس الراحل الخالد حافظ الأسد في مدرسة تجهيز اللاذقية
كما انه استاذه الفكري الذي ارضعه القومية العربية وثبت فيه حب الوطن
انه اخ لجدتي وهيبة طيار وخال والدي
لا يمكنني أن انسى ذالك الرجل العظيم.. ومهما تكلمتُ عن خصاله وكرمه لن ينتهي الحديث..
فانا عرفته عن كثب بالرغم من فارق السن الكبير الذي كان بيني وبينه..
عندما كان يسمع ان احد احفاد اخته وهيبة قدم من الحسكة,
كان يسارع الى دعوته واستضافته بكامل الكرم في قصره الجميل ذو الإطلالة الرائعة
الذي يتربع في أعالي السفوح الجنوبية الشرقية لحي التل بصافيتا
وبالرغم من انه لم يتزوج (عاش ومات عازباً) لكنه كان في منزله سيد كرم الضيافة في صافيتا كلها...
ليس فقط في الكرم فقد كان له أيضاً يد في الخير للفقراء والمستضعفين..
ففي كل مرة كان يبيع قسم مما ورثه عن ابيه ويوزعه على الفقراء
لقد جالسته كثيرا واستمعت له كثيرا.. وحدثني كثيرا.. فقد كان يصادق الشباب ويؤمن بقدرة الشباب
وأذكر كيف كان يناقشني في الشعر الحديث الذي لم يكن يؤمن به..
(بعد ان سمع يومها ان لي محاولات في هذا المجال)
كما كنت شاهداً على خلافه البريء مع الرئيس الراحل والخالد حافظ الأسد بشأن قصة السفارة والقنصلية
(وهذه سأسردها لكم في وقت لاحق ان سنحت الظروف)
- ولد الأستاذ أديب الطيار عام 1907 في صافيتا بمحافظة طرطوس
- في شهر آذار عام 1928 عين موظفاً في الأمانة العامة المرتبطة بحاكم الدولة الفرنسي (شوفلر)
ولما رأى حكومة الإنتداب الفرنسي ( تشدد أجنحة النسور الجبارة القوية لافتراس العصافير ...) قدم استقالته ,
وفي هذه المناسبة كتب ( الشيخ عزيز الهاشم ) رئيس حزب الاستقلال الجمهوري في لبنان يقول :
على انكم تعديتم في الصراحة حد القول والكتابة وأثبتم ذلك عملاً يوم كنتم في عداد الموظفين وقد بدا لكم الإعوجاج
في أجهزة الإدارة فصارحتم به رجال السلطة وأطلقتم الحقيقة بأجلى تعبير و بيان ...
والحقيقة جارحة ففضلتم الرحيل عن بيئة لا تتفق ومطامحكم الحرة الطليقة فكانت الإستقالة وكان نزولكم الى معركة الحياة
فأعطيتم بذلك مثالاً جريئاً للقائلين أن لا خير يرجى لبلادنا من أبنائها وأننا شعب كتب له الموت المحتم .
- مارس مهنة التعليم فترة طويلة في مدرسة التجهيز باللاذقية (ثانوية جول جمال حالياً) وذلك بين 1938-1947
وإثر صدور قرار السيد احسان الجابري محافظ اللاذقية آنذاك بتعيينه مدرساً لمادة اللغة العربية فيها .
هذا وكان صاحب الترجمة يجيد اللغة الفرنسية وقدم استقالته من المهنة المذكورة عام 1960
عندما عينه صديقه القائد جمال عبد الناصر عضواً في مجلس الأمة (البرلمان) بالقاهرة .
- مؤلفاته :
1- حسنات الإضطهاد
ابحاث قومية أدبية متنوعة عن سورية واللاذقية قبيل الاستقلال - اللاذقية 1946
يقول الشيخ عزيز الهاشم :
" حبذا لو نقل كتابكم وأمثاله من المؤلفات الى الفرنسية فتتصل بالرأي العام الفرنسي
ومنها يقف على حقيقة ما يرتكب باسمه من الاخطاء فيساعدنا على مستغلي الموقف من موظفين ورأسماليين "
2- ديوان شعر يضم معظم ما نظم (مخطوط)
- نشاطه الصحفي :
أصدر مجلة أدب وفن واجتماع وفكاهة باسم ( التجدد ) في أول شهر آذار عام 1927 في مدينة صافيتا
وهو كان صاحبها ومديرها المسؤول ولم يشرك فيها أحد سواه .
سنة هذه المجلة كان عشرة أشهر وتهدي مشتركيها كتابا" جديدا" في نهاية كل عام
كانت المراسلات في المجلة تعنون باسم إدارتها في صافيتا ولهذه المجلة تنبيه كالتالي :
" نرجو ممن يغير محل إقامته أن يرسل للإدارة عنوانه الجديد "
واستمرت (التجدد) في الصدور حتى فترة معينة ومن ثم توقفت فجأة بعد أن صدر منها ستة أعداد فقط ولم تكتب لها الحياة ثانية لأسباب مادية ودراسية متعددة .
وتحت عنوان " كلمة إلى القراء " جاء في افتتاحية العدد السادس منها ما يلي :
" انقطع (التجدد) عن قراءه الكرام أثناء عطلة الصيف كسائر المجلات وأعقبتها ظروف مدرسية قاهرة
لم نتمكن معها من إصدار المجلة في المدة الأخيرة ...
غير أنها تعود إلى الظهور بمظهر قومي جديد وأقلام تحريرها على غاية ما يكون من الاستعداد والنظام ....
وها نحن أولا ندفع للقراء عددنا السادس من السنة الأولى لعلهم يجدون فيها ما يرضيهم
غير أنني لم أرى بداً من أن أحي في عرض هذه الكلمة لفيفاً من الشباب الناهض الذي اتخذ هذا المثل الرصين شعاراً له وهو
" خير الناس أنفعهم للناس " فقام يؤازر بكل ما لديه من قوى الشباب وبكل عاطفة وإخلاص
فهذه الفئة النبيلة الشاعرة التي لم تحرم من روح المحبة و التضامن هي الفئة الجديرة بكل تحية وثناء
ووحدها جديرة بأن تتمتع بحق البقاء وفي دعة وسلام .
- في المحاضرات :
(الرواية المسرحية في التاريخ والفن)
ألقاها في 29 نيسان 1941 في فندق السياحة والاصطياف بمدينة اللاذقية
وذلك بناء لدعوة رسمية خاصة تلقاها من المحافظ آنذاك .
- شعره :
كان يقيم في صافيتا التي توحي له بكل جديد وكان ينهل من شلالاتها المنحدرة المتدفقة وينابيعها الغزيرة العذبة التي لا تنضب ...
يرتسم في صفحات مياهها ويقتفي آثار المناسبة واللوحة والألوان .
انه يغرد بين روابي صافيتا الساحرة الجميلة وربوعها الشامخة فكانت له بمثابة البحر الذي يستحم فيه
فلا يكتفي أو يغرف منه دون ان يرتوي .
كانت له صافيتا مصدر وحي خالد والهام مدهش وعبقرية عجيبة فريدة تتحول لديه الى بيان بديع رائع .
والأستاذ طيار إضافة الى ذلك ترجم شوامخ الأدب الفرنسي لكبار ومشاهير أمرائه في الشعر والنثر الى اللغة العربية .
منها على سبيل المثال :
البحيرة - الوحدة - الوادي.. للشاعر لامرتين
فوق المحيط - بعد المعركة - الطفل - أحزان أوليمبيرو - واترلو.. للشاعر فيكتور هيجو
الليالي - نجمة المساء.. للشاعر دي موسيه
النثر الجريح - موت الذئب.. للشاعر دي فيني .
- نماذج من نثره :
أقسم ذاتي في ذوات حبيبة ( وقائع ومواقف وذكريات في ثانوية جول جمال 1938-1947)
في ليلة وأحسبها من ليالي آذار سنة 1938 سحائبها بغير قمر وبردها زمهرير والبحر فيها عارم غامر كنا أربعة من المتحمسين
لوحدة الدويلات السورية نتحلق مع محافظ اللاذقية السيد احسان الجابري في قصره على البحر " خير دار عندها خير موقد "
وكانت ساحة الحديث تمتد أمامنا من ساتير بونسو المفوض السامي وقد مزقت في حزيران 1930 بمخالبها السود الكيان السوري
شر ممزق الى معاهدة الاتاسي بلوم وقد انقذت في ايلول 1936 على رأي العالمة فارس الخوري الأمة الكريمة من دور الانتداب
وأدخلتها في دور الاستقلال .
على ان هذا الاستقلال ما كاد وأحر قلباه يرق نسيمه حتى اطلقت عليه عاصفة هوجاء كان من ورائها المفوض السامي
غابرييل بييو وهبت عليه من جزيرة آل موشو ريح سموم لافحة كان من ورائها الكاردينال تبوني اللاتيني ويخرج الانفصاليون
من جحورهم في كل مكان ليقفوا مع الانتداب والمتآمرين على جثة الوحدة وهي طفلة في عرس ومهرجان ولم تتورع فرنسا
وقد ظهر على الافق الدولي ما ينذر بالملحمة الضارية بين جبابرة الأرض . أن تكتشف لأماني السوريين في الحكم الذاتي
عن ود كاذب وورع منافق .
في تلك الظروف العصيبة وفي تلك الليلة المقرورة بالذات من ليالي آذار 1938 يعرض السيد الجابري علي وأنا في قصره
على البحر أحد أمرين :
إما أن أذهب باللغة الفرنسية التي أجيدها منشأ أول الى السفارة السورية في باريس و إما أن أذهب باللغة العربية التي أحبها
مدرساً الى ثانوية جول جمال ومرتب المدرس كان يومئذ أدق من أكارع النمل وكان أيها القارئ ثلاثاً وخمسون ليرة سورية
وعلى هذا المرتب الاعجف الهزيل قلت للسيد الجابري بنفس راضية ونية جازمة : أذهب إلى جول جمال ....
وكان لي ما أردت ويصدر القرار وأذهب وروحي لكثرة ما لقيته في جهادي السياسي من عوادي الأيام وكيد الأنام مثخنة بالجراح
والهموم الى مصنع الأبطال والرجال و أصارح الطلاب , فور وصولي بأنني جئت لا لأقف معهم على تراث العبقرية العربية
في الأدب واللغة فحسب وإنما جئت لأضع يدي على مواطن الألم والأمل في صدورهم لأذكرهم بقوة حقهم في الكرامة والحرية
والاستقلال والمساواة و الإخاء وعظمة يومهم المقبل .
جئت اليهم و ليس في رأسي مذهب تربوي معين أبشر به ولا مذهب ثوري محدد أدعو إليه وكل ما أعرف أنني جئت اليهم
لأجعل من نفسي في ملتقى الدروب كرماً مغذياً أطعم أجيال الشباب من عناقيدي في هبات من الطيب ,
وأسقي المصابيح من دموع عيني ودماء قلبي لتندو في محاريب الشعب وضاءة وهاجة يمشي الضالون على ضوئها وهداها .
جئت الى ثانوية جول جمال لأنه جفون الزغب من فراجنا الى ما يحيط بهم من مخالب الاستعمار وبراثن الإقطاع
والى البهلوانيين الذين يحسنون تمثيل الوفاء والولاء و خلط اللبن بالماء وأخيراً جئتها وفي يدي مرآة حجمها
حجم عشرين سنة أصفى من الماسة وأسخن من القمر تعكس كما يعكس موشور الطبيعيين ألوان قوس قزح
ما في مجتمعنا الضليل من مساؤى ( مساوىء لو قسمن على الغواني لما جهزن إلا بالطلاق ) وتعكس فوقها الأحداث السياسية
التي مرت على بلادنا منذ أن أقتمست بريطانيا وفرنسا المغانم بينها كما يفعل اللصوص في الليل إلى أن أكرهناهم
على الجلاء عن كل أراضينا المحتلة .
- وفاته
كان للسيد أديب الطيار شرف أن يكون معلماً للقائد الخالد حافظ الأسد في ثانوية جول جمال
حيث كان له الأثر الطيب والذكرى الحسنة في حياته
وعند وفاته نعى السيد الرئيس ببرقية عزاء لأهل الفقيد واعتبرت الجنازة على مستوى المحافظة
كما كلف محافظ طرطوس آنذاك (دنحو داوود) بمثيله في العزاء .
إليكم نص البرقية حرفياً :
الساعة 5 عصراً في 3-2-1981
السادة آل الطيار صافيتا
بشديد الأسى والحزن تلقيت نعي فقيدكم المرحوم الاستاذ أديب الطيار أنني أذكر فضله على جيلنا أستاذاً و مربياً وأتذكر خصاله الحميدة ومع مشاركتكم الألم لمصابكم أرجو أن تتقبلوا صادق تعزيتي ومواساتي سائلاً البار عز وجل أن يسكنه فسيح جنانه وأن يتغمده بواسع رحمته .
رئيس الجمهورية
حافظ الأسد
___________________________
مراجع :
- تاريخ الصحافة السورية
- محافظة اللاذقية
- جريدة ألف باء
- مرآة الغرب
- اليوبيل الذهبي
- مجلة القيثارة
- النشرة العائلية صافيتا
- موقع صافيتا http://www.safita.cc
صور
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى