لمحة عن تاريخ الحسكة القديم
صفحة 1 من اصل 1
لمحة عن تاريخ الحسكة القديم
لمحة عن تاريخ الحسكة القديم
مقدمة
"الجزيرة"
الجزيرة هي المنطقة الواقعة ما بين نهري دجلة والفرات في شمال شرقي سوريا
وهي جزء من بلاد ما بين النهرين, وتشتهر الجزيرة السورية بأنهارها (الفرات، دجلة، الخابور، جغجغ، وبليخ)،
وكذلك بمدنها الأثرية التي تشكل حلقات وصل مهمة ما بين المدن والبلدات العراقية والمناطق السورية الممتدة
على طول وعرض رقعة الجزيرة السورية.
فمثلا، لعبت مدينة ماري الأثرية (تبعد 11 كم شمال غربي البوكمال السورية مقابل منطقة القائم العراقية)
دوراً مهما في ربط بلاد ما بين النهرين بسوريا الداخلية (بلاد الشام)،
كما اصبحت منطقة تل براك الواقعة نحو50 كم جنوب غربي مدينة القامشلي،
(وتعني تل براك بالسريانية تل السجود أو التبرك والعبادة)
محطة مهمة للامبراطورية الأكادية, في طريق توسعها باتجاه الغرب،
حيث بنى الملك الاكادي نارام سين له قصرا ضخما ما زالت اثاره باقية في تل براك.
وكذلك جعل الملك الآشوري شمشي أدد إحدى عواصمه في تل ليلان أو كما تعرف بـ "شوبات إنليل"
(تبعد عن مدينة القامشلي السورية 25 كم).
ولعبت أيضا الممالك الآرامية (مملكة آرام النهرين، بين نهري الفرات والخابور) ومملكة (بيت بخياني في تل حَلـَف)
دوراً ثقافياً وجسرا للتواصل ما بين مناطق شرق الفرات وغربه.
* * *
تاريخ مدينة الحسكة القديم
تعتبر مدينة الحسكة مركز محافظة الجزيرة السورية, حيث يمرها نهر الخابور
والخابور باللغةِ الآرامية (الأكادية) معناه رفيق الأرض (خا =رفيق, بور=الأرض التي لم تفلح).
وفي المؤلفات البابلية والآشورية اسمهُ (شابوراس) منابعه من بلدة رأس العين (راش عينا)
وقد أكد الرحالة والمؤرخون العرب أنهُ يوجد برأس العين ثلاثمائة عين ماء.
ورأس العين تبعد عن الحسكة إلى الغرب الشمالي, حوالي 85 كم, والخابور أهم وأكبر أنهار بلاد مابين النهرين..
ثمّ يأتي الحسكة من الشمال نهر الجغجغ ومن أسمائهُ: (بغدون, مغدون, والهرماس)
منابعهُ قرب بلدة نصيبين, وتقع شمال مدينة القامشلي.
ونصيبين إحدى كبرى أكاديميات العلوم السريانية, ومنها الشاعر السرياني الكبير القديس أفرام .
ويمر الجغجغ في وسط القامشلي, ويلتقي نهر الجغجغ شرق الحسكة مع الخابور , في منطقة المخلط.
أما الدراسات الأثرية والجيولوجية تثبت وجود مدينة قديمة جاثمة تحت التراب يعود تاريخها إلى العهد السوباري والسومري
والأكادي والبابلي والآشوري والآرامي وكان اسمها ( نهرين).
ويقول حزقيال في سفره في التوراة: "وأنا بين المسبيين عند نهر خابور في أرض الكلدانيين"
(الإصحاح الأول والإصحاح الثالث الآية 15)
وفي الإصحاح العاشر الآية 16 "هناك عند نهر خابور يرى كيف يسير الكروبيم سارت البكرات بجانبها"
وسمي المكان (أبو بكر) وهو تل في جنوب شرقي الحسكة,
إذن أثناء رؤية حزقيال للرؤية كانت أرض الخابور للكلدانيين.
وقد أخبرني الصديق الشاعر اسحق قومي أنه ألتقى في عام 1984م مع "دافيد اوتس" أحد علماء الآثار البريطانيين,
وأستاذ علم الآثار في جامعة لندن, ورئيس بعثة التنقيب عن الآثار في الجزيرة السورية,
حيث كان قد ألقى محاضرة عن موقع تل براك, وجاء على ذكر مدينة الحسكة عندما سألهُ فقال:
تحت هذه المدينة توجد مدينة كان اسمها نهرين , وكانت آرامية وسميت نهرين لإلتقاء نهر الخابور بالهرماس ( الجغجغ).
وكان في عهد الملك كيش ميسيليم وقد حدد مكانها فقال :
تقع تحت الثكنة العسكرية التي بنيت في عهد السطان عبد الحميد 1907م
أما هيكل الإله شمشو أو شمش, يقع تحت بناء كنيسة الكلدان الحالية, وهي مبنية من حجارة بيضاء تميل للصفرة.
وأما قصر الملك ميسيليم يقع تحت بناء كنيسة السريان الكاثوليك شمال كراج النجمة للسفريات.
وفي جنوب الخابور هناك تل غويران وكان أيضا مدينة تقابل مدينة نهرين
ونستنتج من كل هذا أن موقع المدينة القديمة يقع تحت الثكنة الحالية قرب الخابور وشرقي سوق الهال الجديد.
وأما ما جاء في كتاب اللؤلؤ المنثور حول أراضي الحسكة والقامشلي:
أسمها الجزيرة العليا أوديار ربيعة.وتقع بين دجلة والخابور وكانت منازل التغالبة في العهد القريب.
وتغلب إحدى القبائل العربية الكبرى وكانت سريانية (يعقوبية) ظلت على نصرانيتها حتى المئة العاشرة
ومن أشهر رجالاتها غياث بن غوث المعروف بالأخطل الشاعر الذائع الصيت 710م.
لكنها أقفرت من أهلها في القرن السابع عشر, ثمّ مصرت حوالي 1921م واستحدثت فيها بلدة الحسكة والقامشلي وغيرها.
وأنّ الجزيرة تُعرف بجزيرة أثور لمدينة كانت بها تسمى بهذا الاسم .
أثارها باقية قريباً من الموصل وإليها يُنسب الملوك الأثوريين من الجرامقه, ملوك الجزيرة والموصل.
وهي ثلاثة أصقاع ديار ربيعة, ديار مضر, ديار بكر, وماردين (من أمهات ديار بكر)
والجرامقة هم آراميون كانوا قد لجاءوا إلى عيلام تحت تأثير الضغط الآشوري فحلوا في منطقة تُعرف بالجرمق في فارس , ثمّ لما
عادوا إلى بلاد أشور حملوا معهم هذا الاسم فعرفوا به فسموا الجرامقة, وهؤلاء سكنوا مدينة الموصل في عهد عمر بن الخطاب.
وانّ الجزيرة السورية اليوم هي فدان آرام في الزمن القديم وهي الجزء الأكبر من أراضي بيت نهرين.
وبما أنها أرض التغالبة فقد قرأنا للألوسي والبلاذري وكتاب تكريت لسهيل قاشا، واليعقوبي في مجلده الأول والصفحة 124
أنَّ التغالبة جاؤوا من الجزيرة العربية في حوالي عام 480م. وآخر هجراتهم منها كانت مع القرن السابع الميلادي .
وتغلب هو بن وائل وربيعة هو أحد أحفاد معد سكنوا الحيرة ومنهم بنو نمير بن قاسط وبنو تغلب بن وائل .
وأما تنصر التغالبة فقد ورد أنهم تنصروا وهم في الجزيرة العربية .
ويرجح أنهم تنصروا في القرن الرابع, وفي القرن السادس تنصر الذين سكنوا الجزيرة التي تقع في غرب العراق
حتى ديار بكر والجزيرة السورية اليوم.
هذا ما جاء في المجلد الثالث.ص429 من تاريخ الطبري ،
ويذكر المؤرخون أن الخليفة عثمان بن عفان أمر معاوية بن أبي سفيان بإسكان بني ربيعة في الجزيرة
فعُرفتْ باسم ديار ربيعة وهكذا ديار بكر،
وفي العهد الأموي كان التغالبة يعيشون حياة البداوة بين الحيرة جنوباً ومنبج في الشمال الغربي وبين جزيرة ابن عمر
وفي عام 689م انحسرت إقامتهم كما يقول ابن الأثير الجزري : بين الخابور ودجلة والفرات.
ويقول ابن الفقيه في القرن التاسع الميلادي تخص الجزيرة التغالبة،
وجاء في كتاب تكريت لمؤلفه سهيل قاشا, أنهم كانوا في منطقة سنجار ونصيبين.
وقد جاء في كتاب الخراج لقدامة بن جعفر:
أما الجزيرة فإنها تتكون من ثلاثة أقسام إدارية: ديار بكر وديار مضر وديار ربيعة.
ومن القبائل العربية النصرانية التي سكنت الجزيرة قبيلة الشهارجة التي سكنت الموصل أو اسكي موصل.
ذكر هذه القبيلة ابن بطوطة, وهناك قبائل التنوخيون وبني عقيل أو العقليون
وسميَّ العرب النصارى في نصيبين وبلد قُرب نينوى ( ممن كانوا يعيشون في البادية ) بـ "باعرباي" أي العرب الرحل
وكانوا من قبائل بني طي ومنهم حاتم الطائي وبنو عقيل وتنوخ وبنو إياد.
هذا ما جاء في تاريخ المؤرخ السرياني التكريتي آحو دمة.
ان مدينة نهرين (الحسكة القديمة) تلك المدينة التاريخية,
كانت تقع على عقدة مواصلات لطرق مختلفة سارت عليها القوافل قديماً وربما تعود تلك الطرق
إلى أقدم الأزمنة في التاريخ.
آ- طريق آتٍ من نصيبين وماردين ودارا والذاهبة نحو البصيرة فالجنوب.
ب- طريق آتٍ من حرّان وجرابلس ورأس العين المتجه نحو سنجار والحضر, وعقدة صفيا التي تبعد عن الحسكة12كم
وهناك نجد بقايا جسر قديم على نهر الجغجغ ورسوم مدينة قديمة بُنيت من حجارة سوداء.
وهناك خمسة خطوط هي:
1-خط تلول يمتد من غربي الحسكة نحو ماردين محاذياً لوادي الأعوج
2-خط طريق نحو ماردين صفيا عامودا دارا ماراً بجاغر بازار وهيشري.
3-خط نحو نصيبين على نهر بغدون(الجغجغ أو الهرماس)
4- خط الحسچة تنينير عقدتهُ تل الحمدي ماردين فالخاتونية , خط على الجغجغ إلى نصيبين.
5-خط سنجار وجبل الجْربةِ وإذا وقفت على أعلى تل طُرطب جنوب القامشلي ترى طريق من نصيبين إلى سنجار.
وهنا لابدّ من ذكر جهود الأب اليسوعي والتي أكتشف هذه الطرق عندما قام برحلة في طائرة صغيرة
فوق أراضي الجزيرة السورية, ذلك عام 1926و1928م.
* * *
هذه لمحة كتبتها عن تاريخ مدينة الحسكة والجزيرة القديمين
أشكر قرائتكم
ولتدم المحبة
جورج عبيد
25-8-2008
____________________
المراجع:
- كتاب "القصور والقصوارنة" - اسحق قومي
- اللؤلؤ المنثور
- ابن شداد - الأعلاق الخطيرة في ذكر أمراء الشام والجزيرة - ج3 دمشق 1978
- قاموس المحيط
- أحمد سوسة - العرب واليهود في التاريخ
- اسكندر داؤد - الجزيرة السورية بين القديم والحديث - ط 1958م.
حسين العساف- المدير العام
-
عدد الرسائل : 58
تاريخ التسجيل : 24/06/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى