واحـــــة الإبــــــداع
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

.. سنوات ميلاد الكبار ..

اذهب الى الأسفل

.. سنوات ميلاد الكبار .. Empty .. سنوات ميلاد الكبار ..

مُساهمة من طرف حسين العساف الثلاثاء يونيو 24, 2008 10:45 pm


.. سنوات ميلاد الكبار ..
الموضوع : تاريخ
حسين حمدان العساف
قد يتراكم توالي السنين ،فلا يزيد جدب الحيا ة إلاّ جدباً،ولا يمنح خصوبتها إلاّ خصوبة وعطاء،وقد لفتت نظري سنة في شيخوخة القرن التاسع عشرالآيل إلى الرحيل هي سنة ألف وثمانمئة وتسعة وثمانين،فرأيتها سنة حافلة بالإنجازات، أنجبت لعالم القرن العشرين العظماء والروّاد الذين ساعدتهم ظروف الحياة أن يؤدّوا فيه أدواراً خطيرة إيجابية أوسلبية، ويطبعوا بصماتهم واضحة على صفحاته. فقد شهد ت السنة إقامة( برج ايفل) في باريس، وشهد ت اكتشاف العالم الايطالي (سكباريللي) قنوات على سطح المريخ، تؤكد إمكانية الحياة عليه ،وتؤكد أنَّ ثمة كائنات عاقلة تعيش في الفضاء الخارجي،وكانت أحشاء تلك السنة مثقلة بالأجّنة التي تتحفز للخروج من رحمها،فتمخضت بولادات الكبار،وأي كبار!الذين غيّروا رسم خارطة العالم وثقافته وفنونه ومعارفه .ففي تلك السنة ولد اثنان من الفلاسفة الوجوديين: جبريل مارسيل ومارتن هيدجر،والأديبان بول ناش،وجان كوكتو، والمؤرخان الكبيران عبد الرحمن الرافعي وأرنولد توينبي،والروائي الأيسلندي جونا رسون سالازار، والممثل الفكا هي العالمي تشا رلي شابلن ،في تلك السنة ولد هتلر ونهرو.وكانت تلك السنة رحيمة بنا نحن العرب،فقد أنجبت لنا إضافة الى مؤرخنا الكبير أربعة كبار،سأحدثكم عنهم بكلمات،كان لهم تأثير كبير في حياتنا الفكرية والأدبية والثقافية،كل واحد منهم كان علماً بارزا ًفي ميدانه الذي برع فيه،كان الدكتور طه حسين أعلاهم شهادة ،نال الدكتوراه مرتين:مرة باللغة العربية من الجامعة المصرية القديمة في القاهرة(1914)،ومرة أخرى باللغة الفرنسية من جامعة السوربون بفرنسا (1917) ،وكان الأستاذ عباس محمود العقاد أقلهم شهادة،فلم يحصل إلاّ على شهادة الدراسة الابتدائية من بلدته (أسوان)في مصر .أمّا الأستاذ إبراهم عبد القادر المازني، فقد تخرج في مدرسة المعلمين العليا بمدينته (القاهرة )،وغاد ر رابعهم الأستاذ ميخائيل نعيمة قريته(بسكنتا ) بلبنان ليلتحق بمدرسة المعلمين الروسية في الناصرة بفلسطين،ثم أرسلته المدرسة في بعثة الى روسيا ،فدرس في جامعة(فولتا فا)،ثم قصد أمريكا، ودرس الحقوق والآداب في جامعة واشنطن .وإذا كانت الظروف القاسية لم تسمح لبعضهم في متابعة دراساتهم للحصول على أعلى الشهادات ،فإنَّ هؤلاء شقوا طريقهم بأ نفسهم، واغترفوا العلم والفلسفة والدين واللغة والأدب من ينابيعه، ليعوّضوا أنفسهم ما كان يحصل عليه أندادهم في دراستهم العالية ،فماثلوهم ،بل بزوا بعضهم ،ومهما يكن من أمر، فإنَّ الأربعة كانوا عصاميين،اتصلو بتراثنا اتصالاً وثيقاً،يختلف قوة وعمقاً من واحد إ لى آخر ،كما اتصلوا بالثقافة الأجنبية والغربية ،وبالبيئة الأجنبية والغربية اتصالا ًمباشراً وغير مباشر:فطه حسين رحل الى باريس وأتقن اللغة الفرنسية واليونانية واللاتينية،وألمّ بالانكليزية،وميخائيل نعيمة ذهب الى (روسيا)ثم انتقل الى(واشنطن)،فأتقن اللغة الانكليزية والروسية،وأتقن العقاد والمازني في مصراللغة الانكليزية إتقاناً مكنهما من الاتصال بالآداب الانكليزية والثقافة الغربية ،وترجم هؤلاء عيون الأدب اليوناني واللاتيني والغربي الى لغتنا العربية ،ونظم كل واحد منهم الشعر في مطلع شبابه،كان العقاد أكثرهم ،و كان طه حسين أقلهم ،وكان كل علم من هؤلاء مثقفاً ثقافة واسعة متنوعة ممتازة ،جمع بين الثقافتين : العربية القديمة والغربية الحديثة ، ويتمتع بذهن وقّاد،وبصيرة مستنيرة ،وطموح الى المجد لا يجارى،وإيمان بالتجديد لا حدود له، فكان يحارب أنصار القديم بسلاح القدماء،ويدعوالى التجديد بسلاح المجددين. نشأ هؤلاء،وأمتهم كانت تستقبل إطلالة القرن الجديد بعقلية القرون المتخلفة،وتستبد برؤاها مناهج عتيقة،تجعل من التراث،و كل ما وصلنا من القدماء شيئا ًمقدساً أوكالمقدس،لا يقبل النقاش ولا النقد ولا التجديد،فثاروا على التقليد ،كما ثاروا على المناهج المتخلفة ،ودعوا إلى تجديد الحياة والفكرواللغةوالأدب،وخاضوا معارك متواصلة ضد أنصار القديم من شعراء وأدباء وكتاب،هكذاكان طه حسين في كتابيه (في الأدب الجاهلي) و(حديث الأربعاء) وغيرهما،وهكذا كان المازني والعقاد في كتابهما المشترك (الديوان)وكتبهما الأخرى،وهكذاكان نعيمه في (غرباليه) القديم والجديد .وكان لكل واحد من الأربعة مذهب خاص في التجديد .ربما يختلف به عن الآخر، فكان هؤلاء يختصمون فيما بينهم في الأدب والفكر والثقافة اختصاما يعنف أو يلين ،يطول أو يقصر،ومهما اختلفت الآراء فيهم ،فقد رفعوا راية التجديد منذ مطلع القرن الآفل،فكا نواروّاد ه،وظلّوا يحتفظون بدورالريادة طوال النصف الأول منه، دفعوا حياتنا الأدبية والثقا فية والأدبية من أفقها الضيق إلى أفق أرحب، من التقليد الى التجديد فالحداثة، يا لها من سنة منجبة متميّزة!فهل تجود سنةأخرى على القرن الحادي والعشرين مثل تلك السنة؟ وما حصة عا لمنا العربي منها؟ عا لم القرن الجديد وحده سوف يشهد ذلك..
الحسكة:‏ حسين حمدان العسّاف

حسين العساف
المدير العام
المدير العام

ذكر
عدد الرسائل : 58
تاريخ التسجيل : 24/06/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى